في رثاء والدي رحمه الله
المرحوم الحاج أحمد قلاش
توفي البارحة يوم 18 جمادى الآخرة من عام 1438 الموافق 17 آذار من عام 2017 والدي أحمد قلاش بن محمد راجي عن عمر ناهز الثانية والثمانين عاماً في مدينة حلب. رحمة الله عليه
ولد رحمه الله في سنة 1933 في مدينة حلب ونشأ فيها. كان يرغب في دراسة الحقوق ولكنه لم يوفق في إتمام الدراسة. كان عليه أن يعمل. تزوج وهو في الخامسة والثلاثين وأنجب راجي ومنير وعبدالله
كان يحب خدمة الآخرين ولايبالي بالنقد طالما كان مقتنعاً بفكرته. حصن نفسه دائماً بمرافقة رجال الدين فكان دائماً يستشير ويستشير على مبدأ : ماحسنه الشرع فهو حسن وما قبحه الشرع فهو قبيح
تعرض لحادث سيارة في شبابه فأصيب بالصرع ولازمه المرض لآخر عمره فصبر
والدي رحمه الله أرضعني حب الدين. كان يوقظنا لصلاة الصبح كل يوم ويصبر علينا. في أيام الصيف كان يرسلنا لتعلم القرآن عندما كنا صغاراً
والدي كان دائماً مصدر إلهامي تعلمت منه أخلاق المعاملة. علمني كيف أتواضع للفقير قبل الغني. علمني أن أكون عادلاً مع الأخرين
كنت صغيراً عندما خرجنا من المسجد وكان هناك فقيراً ينتظر الصدقات بجانب المسجد بعد صلاة الجمعة. أعطاني قطعة نقد وقال لي أوصلها له. أخذت النقد ورحت إليه وأعطيته إياه وقلت للفقير ادعو لنا. عدت لوالدي رحمه الله وأخبرته فانزعج مني وقال نحن لانطلب أجراً مقابل الصدقة. مايزال هذا اليوم ماثلاً امامي بكل تفاصيله. أذكر الفقير أذكر المسجد أذكر الناس وأذكر أبي رحمه الله والموقف كله أمامي وكأنه البارحة
عندما كبرت وصرت مراهقاً رأيت منه صبراً وتفهماً لهذه المرحلة من عمري. لم يكن ليجرحني أو يهينني. كان منفتحاً جداً في نقاشاته معي
والدي كان صبوراً في معاملاته مع الآخرين خصوصاً في معاملاته المالية. كان يتفاوض كثيرا مع شركائه ويمهلهم. خسر مقابل ذلك الكثير ولكن صبره مع الأمل بالله كان القوة الناعمة التي يملكها
منذ حوالي العام ونيف تعثرت قدمه وسقط على الأرض وأصيب بجلطة دماغية خفيفة. بفضل الله لم تقعده هذه الجلطة فظل يتحرك ويمشي ويخرج لصلاة الجمعة
رحل البارحة رحمه الله عندما كان يفطر حوالي الساعة 10 ونصف صباحا. رحل بهدوء إلى ربه عزوجل ليلقاه إن شاء الله وهو راض عن والدي
رحل البارحة ولم يتسنى لي أن أودعه. كنت اتمنى ان أطبع قبلة على جبينه وأقول له نلتقي إن شاء الله في الجنة. وماذلك على الله بعزيز
رحمك الله ياوالدي وأدخلك فسيح جنانه
رحمك الله وحشرك مع الأنبياء والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقا
رحمك الله أبو راجي وعفى عنك
عبد الله بتاريخ 18 آذار 2017